بواسطة : صحيفة الوثاق
10:49 ص - 2023/01/08 - 337 views
الوثاق – الأستاذ: عبدالرحمن بن محمد الحمد
بعد أن أجبر العنف المتنامي جراء القبض على أوفيديو غوزمان ( نجل تاجر المخدرات إلتشابو) السلطات المكسيكية على إغلاق المطارات والمدارس في مدينة كولياكان بولاية سينالوا الشمالية، تعالت الأصوات المنادية بضرورة كبح جماح ما اسمته “غطرسة الجريمة المنظمة”، والضرب بقبضة من حديد على المجرمين الذين يشكل تواجدهم ترويعاً مباشراً للآمنين فضلاً عن ضلوعهم في أحد أكثر الأنشطة غير المشروعة رواجاً وهي الإتجار بالممنوعات بمآلاتها السلبية وأثر الممتلكات المرتبطة بها من تدفقات مالية غير مشروعة تقوض النظام المالي العالمي وتهدد سير عجلة التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، الأمر الذي تعاني منه معظم دول أمريكا اللاتينية، خاصةً ( المكسيك) باعتبار الكارتلات المكسيكية من بين أقوى وأغنى الجماعات الإجرامية المنظمة في العالم، إذ تمارس الإتجار بالمخدرات، والأسلحة، وتهريب المهاجرين وتلجأ إلى مختلف الأساليب لتهريب أموالها عبر الحدود وغسلها من خلال الاستعانة بشركات وهمية عقارية أو تلك التي تقدم خدمات استشارية وغيرها من الأساليب الملتوية لشرعنة الأموال، وفقاً لتقرير صادر عن هيئة مراقبة المخدرات في الأمم المتحدة.
وقد كشفت وحدة الاستخبارات المكسيكية في عام 2014 أربع شركات أرسلت وتلقت موارد بهدف إخفاء مصدرها ووجهتها، وتبين لاحقاً بأن تلك الشركات مرتبطة بكارتل سينالوا، ولذلك لجأت المنظمات الإجرامية بعد تطبيق السلطات المختصة اجراءات إنفاذ القانون إلى مختلف السبل والطرائق الملتوية لنقل الأموال من بينها ما يسمى بالنظم المصرفية، والتي تقوم على مبدأ الثقة في تحويل المال بين الأطراف دون الاستعانه بخدمات بنكية أو مؤسسات مصرفية وسيطة.
وما فتئت دول أمريكا اللاتينية تعزيز تعاونها بهذا المجال مع الولايات المتحدة وغيرها من الدول وتكثيف تواجدها في المحافل الدولية لدراسة تدابير جماعية من شأنها التصدي بكل حزم لإنتاج المخدرات: من خلال اضطلاع سلطاتها الأمنية بأعمال مكافحة المخدرات، والقبض على مهربيه، وكذلك وضع بروتوكولات تنظيمية يمكن من خلالها الوصول إلى الجماعات الإجرامية المنظمة؛ التي تمول عملياتها غير المشروعة -باختلاف صنوف جرائمها- غير آبهة للقانون ومستمدةً اجرامها -بحسب ما قرأت عن الشارع اللاتيني- من تخاذلٍ أو تواطؤٍ أو جهلٍ من بعض الأجهزة الأمنية داخل تلك البلدان، وهي الصورة الذهنية التي جعلت أعضاء كارتل سينالوا بقيادة أخطر أباطرة المخدرات بالعالم (إل مايو)، الذي فشلت السلطات الأمريكية من القبض عليه على مدار ما يزيد عن 50 عاماً، يشلون حركة الحياة بالجزء الشمالي من المكسيك، حيث تداول ناشطون مقاطع مصورة عبر “تويتر” لأشخاص مسلحين يغلقون بعض الطرق الرئيسية المؤدية إلى كولياكان بمركبات مشتعلة، مع سماع دوي انفجار لمركبات، وأصوات لأعيرة نارية (يصعب تحديد مصدرها)، وطائرة هليكوبتر عسكرية تفتح نيرانها من الجو، وهو ما ينبئ عن استفحال الأعمال الانتقامية التي أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات، رداً على اعتقال (El Ratón)، الذي من المحتمل أن يتم تسليمه إلى الولايات المتحدة الأمريكية في الأشهر القريبة القادمة، وسيقضي ما تبقى من حياته خلف القضبان.
ومن الأهمية بمكان معرفة الخطر الكامن لا يأتي من ذات المنظمة الإجرامية! بل من ديناميكية التخفي لديها، وكيفيه استغلالها للثغرات التي تعتري بعض النظم بالمؤسسات الحكومية ذات الأطر القانونية الضعيفة والمعنية بمكافحة غسيل الأموال والأنشطة المشبوهة المرتبطة بها، ولذلك يتوجب على السلطات ذات العلاقة الاضطلاع بدورها للتصدي بكل حزم لهذه الأعمال غير المشروعة التي لا تعترف بالحدود ولا بالجنسيات.
أعجبنى
(13)لم يعجبنى
(0)