بواسطة : .
7:39 ص - 2024/01/27 - 554 views
الوثاق – عبدالرحمن الحمد
بعد أن أعلنت مؤخراً كل من المكسيك وتشيلي عن إحالة ملف الأوضاع في فلسطين المحتلة إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أبرزت معظم الصحف اللاتينية في صفحاتها الرئيسية: عناوين لأخبار ومقالات رأي؛ من شأنها أن تفجر غضب الاحتلال الإسرائيلي، حيث وضعتا صحيفتي “لاخورنادا” “وميلينيو” في صفحتيهما الأولى خبراً تحت عنوان “المكسيك وتشيلي في لاهاي من أجل الجرائم المرتكبة في غزة”، وتكرر ذات العنوان والمحتوى في صحف “إكسلسيور” و”الأونيفرسال” و”إكسبنسيون” و”بانغوارديا” وغيرها، مع تدوين عدد ضحايا الحرب في غزة الذي وصل إلى نحو 25 ألف، موضحين بأن المدعي العام للمحكمة الجزئية السيد/ كريم خان؛ سبق أن زار إسرائيل وفلسطين المحتلة في ديسمبر 2023م، والذي أكد حينها “أن إجراء التحقيق في المنطقة يعد ضمن الأولويات”، بينما أوضحت صحيفة “إكسلسيور” أن جنوب أفريقيا سبق وأن اتهمت إسرائيل في 11 يناير الماضي بارتكابها جرائم إبادة جماعية أمام محكمة العدل الدولية، وأعربت عدة دول في أمريكا اللاتينية عن تأييدها للدعوى الجنوب-أفريقية؛ من بينها البرازيل وتشيلي وكولومبيا ونيكاراغوا وفنزويلا وكوبا وبوليفيا.
ولفت مقال رأي آخر بعنوان “المكسيك تراهن على غزة في الحرب مع إسرائيل” في صحفية بانغورديا النظر إلى أن الموقف المكسيكي يرتكز على المبادئ، وهو مرسوم بدقة؛ لأنه اكتفى بطلب التحقيق دون الإسراع بالإعلان عن النتائج، وهو موقف يشبه الامتناع عن التصويت في المحافل الدولية تجاه بعض القرارات لترك الباب مفتوحاً أمام أي مخرج آخر، ولو أن إسرائيل سترفض وتنتقد إجراء حكومة لوبيز أوبرادور، وهو ما سيؤدي –بحسب صحيفة بانغورديا- إلى مزيدٍ من الخلاف والتوتر في العلاقات الثنائية.
ومن غير المعروف ما إذا كان التحرك المكسيكي يأتي انطلاقاً من اندفاعات عاطفية تجاه غزة أم أنه رد اعتبار على خلفية غطرسة الكيان الإسرائيلي وتهديداته التي أطلقها باتجاه المكسيك؛ إبان تأييدها لقرار الأمم المتحدة الصادر بتاريخ 10 نوفمبر 1975م ، والذي عَرَّف (الصهيونية) بأنها أحد أشكال العنصرية في الجمعية العامة حيث حاول الرئيس المكسيكي/ لويس إيتشيباريا آنذاك التخلي عن قرار التأييد في اللحظات الأخيرة، وأرسل إلى بعثته في الأمم المتحدة للعدول عن تصويتها بَيْد أنَّ القرار جاء متأخراً.
وفي صباح اليوم التالي للتصويت، نظمت إحدى الكيانات اليهودية في الولايات المتحدة مسيرات تدعم الصهيونية حضرها ما يقارب 200 ألف شخصاً، وحذر في الوقت نفسه رئيس البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة/ باتريك موينيهان من أن الذين صوتوا لصالح القرار السالف الذكر “سوف يدفعون الثمن”.
وفي 23 نوفمبر من نفس العام، تعالت الأصوات الصهيونية الداعية إلى مقاطعة الدول التي دعمت القرار؛ ومن بينها المكسيك في محاولاتٍ بائسة للضغط على تلك الدول لتعديل مسارها حيال مواقفها الداعمة لفلسطين المحتلة، إذ يمارس الاحتلال الإسرائيلي الوحشي بهذا الشأن كافة أشكال الغطرسة ونشر الأكاذيب وزرع الفتن في حدائق الدول الداعمة لفلسطين المحتلة من خلال أذنابها في أروقة بعض الحكومات أو أبواقها المستعربة في وسائل التواصل الاجتماعي للتغطية على جرائم الإبادة التي يرتكبونها في قطاع غزة.
وقد بات الوعي الدولي حاضراً لمثل هذه الممارسات الرخيصة حتى وإن كان قرار محكمة العدل الدولية الذي صدر اليوم الجمعة الموافق 26 يناير 2024م لم يأتِ لصالح وقف إطلاق النار في إطار الإجراءات الطارئة التي طالبت فيها جنوب أفريقيا إلى جانب أغلب الدعوات الدولية الرامية إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة المحاصرة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بل أن قرار محكمة لاهاي الذي أراه يقع ضمن نطاق “المجاملات السياسية” وصل إلى عدم القدرة على التصريح المباشر بأن ممارسات الكيان الغاصب ترتقي إلى ما بعد (جرائم الإبادة)؛ ليس فقط منذ 7 أكتوبر الماضي بل لأكثر من 75 عاماً في حين جاء فحوى القرار “خجولاً للغاية” أن تتخذ إسرائيل كل ما من شأنه منع احتمالية أن ترتقي أعمالها إلى نطاق “الإبادة الجماعية” وهو ما يؤكد قطعاً الجرائم النازية التي يمارسها الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة المحاصرة، ومن جهة أخرى ازدواجية المعايير لدى المجتمع الدولي تجاه هذا الملف وعدم الاضطلاع بدوره حيال إنهاء الصراع بشكلٍ حقيقي وفعلي يضمن معه استقلال فلسطين بما يتواءم مع مبادرة السلام العربية على حدود الرابع من يونيو لعام 1967م.
وأود الإشارة إلى أن النوايا الخبيثة للاحتلال الإسرائيلي دائماً ما تظهر على السطح، والتي تدحض معها جديتهم لقبول أي عملية سلام شاملة، وذلك بعد أن اعتلى وزير المالية الإسرائيلي/ بتسلئيل سموتريتش في وقتٍ قريب منصة وعليها خريطة ما تسمى “إسرائيل الكبرى” والتي تضم أجزاء متفرقة من بعض دول المنطقة، في تحريضٍ مقيت وخرقٍ سافر لكافة الأعراف والممارسات الدولية الأمر الذي يستدعي معه وقفة جادة من قبل المجتمع الدولي أمام أطماع النازيين الجدد في حلم التوسع المزعوم.
أعجبنى
(7)لم يعجبنى
(0)