بواسطة : .
5:14 م - 2025/11/15 - 150 views
بقلم ـ منال صالح أنديجاني
في الحياة الوظيفية لا يخلو الطريق من مواقف سلبية قد تربك مسار الموظف أو تضعف حماسه (كلمة غير منصفة، قرار متسرع، أو تعامل يفتقر إلى المهنية). ومع ذلك يظل الفارق بين من تتوقف خطواته أمام العثرات ومن يواصل تقدمه بثبات يكمن في القدرة على “التجاوز الواعي” ذلك النضج النفسي الذي يمكن الإنسان من رؤية الموقف كما هو دون أن يسمح له بأن يحد من تقدمه.
عمر بن الخطاب… نموذج راقٍ للتجاوز الواعي
من المواقف الملهمة التي تجسد هذا المفهوم ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذ جاءه رجل وتحدث أمامه بحدة وجرأة وإساءة واضحة، فغضب الحاضرون واقترحوا الرد عليه لكن عمر اكتفى بقول هادئ وحاسم: “إما أن تقول خيراً أو تمضي”.
لم يعاقبه ولم يعط الموقف أكبر من حجمه ولم يسمح لانفعالات الآخرين بتوجيهه. بل اختار رداً يعكس حكمة القائد واتزان صاحب القرار ثم واصل يومه دون حمل أثر للموقف.
هذا النموذج يختصر فلسفة التجاوز الواعي:
حضور يقظ ورد محسوب وتركيز على ما هو أهم.
طرق عملية للتجاوز الواعي وتخطي المواقف السلبية:
١/إعادة تفسير الحدث بدلاً من تضخيمه: فهم الموقف بعمق يقلل أثره ويمنع تضخيمه في الذهن.
٢/الفصل بين قيمك وسلوك الآخرين: تصرفات الآخرين تعكسهم هم لا تعكسك أنت.
٣/اختيار الرد بدلاً من رد الفعل: التوقف لثوان يصنع فارقاً بين الحكمة والانفعال.
٤/حماية طاقتك من الاستنزاف: ليس كل موقف يستحق الوقوف عنده وبعض الصمت قوة.
٥/تطوير الذات لمواجهة الجذور: رفع المهارات والوعي النفسي يحصن الموظف من التأثر السريع.
٦/التركيز على ما يمكنك التحكم به: أنت لا تملك تغيير الآخرين لكنك تملك تغيير تفاعلك معهم.
٧/التقدم إلى الأمام دون الالتفات للماضي: الذكاء ليس في نسيان الحدث بل في عدم السماح له بتعطيل مسارك.
في نهاية المطاف لا يقاس نجاح الموظف بعدد الإنجازات فقط وإنما بقدرته على الصمود الرزين أمام ما يعترض طريقه. فالتحديات ستبقى والمواقف السلبية ستتكرر لكن المتقدمين حقاً هم أولئك الذين اختاروا الوعي بدل الغضب، والاتزان بدل الانفعال، والمضي قدماً بدل التوقف عند ما لا يستحق التوقف.
إن التجاوز الواعي ليس مجرد مهارة بل روح قيادة وملامح شخصية ناضجة تعرف أن المستقبل لا يصنع بالتشبث بالمواقف بل بالتحرر منها.
أعجبنى
(7)لم يعجبنى
(1)