بواسطة : .
7:14 م - 2025/09/22 - 428 views
بقلم ــ الدكتورة: جواهر الروقي
عندما قرأت كتاب تدريب الأفراد الصادر عن سلسلة مطبوعات كلية هارفارد لإدارة الأعمال، وجدت نفسي أمام دليل عملي يتجاوز التنظير الأكاديمي، ليغوص في جوهر التحديات اليومية التي يواجهها كل قائد أو مسؤول موارد بشرية.
الكتاب لا يقدّم مجرد أدوات تدريبية جامدة، بل يضع العلاقة بين المدرب والمتدرب على قاعدة أساسية: الثقة.
هذه الفكرة تمثل برأيي حجر الزاوية في أي عملية تطوير بشري، إذ لا يمكن للموظف أن يتقبل التدريب أو ينفتح للتغيير دون أن يشعر بالأمان والثقة تجاه من يقوده.
كما لفتني في الكتاب تركيزه على تنويع أساليب التدريب، بين التوجيهي والداعم، وهو توازن دقيق نحتاجه في بيئة العمل اليوم؛ حيث إن الإفراط في التوجيه قد يُفقد الموظف روح المبادرة، بينما الاكتفاء بالدعم دون توجيه قد يتركه في دائرة الارتباك.
لقد أضاف الكتاب إلى مخزوني الفكري عدة آليات عملية، أبرزها الإصغاء الجيد، وتوضيح الأدوار، والتحفيز المستمر ، وهذه ليست مجرد خطوات إجرائية، بل هي فلسفة إدارية متكاملة تسهم في تحويل التدريب من عملية تقليدية إلى تجربة تنموية شاملة تعزز التزام الأفراد وتضاعف من أثرهم داخل المؤسسة.
وما يلفت النظر كذلك أن جوهر التدريب الناجح لا يقف عند حدود المتدرب كمتلقٍ، بل يفتح المجال أمامه ليكون مدربًا مستقبليًا.
فالاستفادة من المدرب لا تعني فقط اكتساب المهارات والمعرفة، وإنما التعمق في منهجيته: كيف يصغي، وكيف يوجه، وكيف يوازن بين الدعم والتحدي ، وعندما ينجح المتدرب في استيعاب هذه المنهجية، يصبح أكثر قدرة على نقل التجربة إلى غيره، لينتقل تدريجيًا من موقع المتدرب إلى موقع المدرب .
وهنا تتحول عملية التدريب إلى حلقة متواصلة من نقل الخبرة والمعرفة، بما يضمن استدامة الأثر وتكوين ثقافة تنظيمية قائمة على التعلم الذاتي والتجديد المستمر.
بصفتي مهتمًا بمجال الموارد البشرية، أرى أن هذا الكتاب ليس مجرد مرجع في التدريب، بل هو دعوة لإعادة التفكير في كيفية بناء علاقة إنسانية ومهنية متوازنة بين القائد وفريقه، علاقة قوامها الثقة وغايتها تحقيق أثر مستدام ، كما أنه يفتح آفاقًا جديدة لتبني التدريب كأداة استراتيجية لإعداد جيل جديد من المدربين داخل المؤسسات، مما يسهم في تعزيز القدرة المؤسسية على التطوير والتجديد من الداخل، سواء في القطاع الربحي أو غير الربحي
أعجبنى
(1)لم يعجبنى
(0)