بواسطة : .
7:50 م - 2025/11/20 - 133 views
بقلم ــ منال صالح أنديجاني
يشهد عالم العمل اليوم ثورة تقنية غير مسبوقة تقودها أدوات الذكاء الاصطناعي، التي أصبحت جزءاً أساسياً من سير المهام الإدارية والتشغيلية. ورغم ما تقدمه من سرعة ودقة إلا أن الإفراط في استخدامها بطريقة اتكالية أحدث تحولاً عميقاً في ثقافة العمل وبدأ يكشف عن تبعات مقلقة لا تمس الأداء فقط بل تمتد إلى بنية التوظيف ومستقبل الكفاءات.
فمع بريق هذه الأدوات اتجهت بعض المنظمات إلى توظيف أشخاص محدودي الخبرة أو عديمي الدراية، تحت مظلة أن الذكاء الاصطناعي كفيل بسد الفجوات وتحسين المخرجات. وهكذا تراجعت قيمة الكفاءات الحقيقية وأصبحت الخبرة البشرية تستبدل ببرامج جاهزة لا تملك فهم السياق ولا القدرة على قراءة ما بين السطور. هذا التحول قد يبدو اقتصادياً في ظاهره لكنه يضعف المنظومة المهنية ويقلل من جودة القرارات الاستراتيجية التي تحتاج إلى بصيرة الإنسان لا سرعة الآلة.
ومع مرور الوقت برزت آثار هذا الاعتماد الاتكالي بوضوح. فالقرارات التي تبنى على مخرجات آلية من دون تحليل نقدي تصبح سطحية ويغيب عنها عمق التقييم الذي يميز العمل الاحترافي.
الموظف الذي يترك للأداة مهمة التفكير عنه يفقد مهاراته تدريجياً تتآكل قدرته على التحليل ويضعف حسه المهني وتختفي روح المسؤولية تجاه جودة العمل. ومع تزايد هذه الممارسات تتأثر سمعة المنظمة بمخرجات غير دقيقة وقرارات ارتجالية مبنية على بيانات لم تفهم جيداً مما يخلق بيئة تعتمد على السرعة لا الجودة وعلى التشغيل لا على التفكير.
ورغم ذلك يبقى الذكاء الاصطناعي أداة عظيمة بحد ذاته، ليست المشكلة فيه بل في طريقة استخدامه. فالأداة التي صممت لتعزيز العمل قد تتحول إلى عبء إذا استخدمناها كبديل للخبرة بدلاً من أن تكون داعمة لها. جوهر النجاح يكمن في الجمع بين قوة التقنية وعمق الخبرة الإنسانية بحيث تصبح الخوارزميات امتداداً لقدرة الموظف لا بديلاً عنها.
إن ذكاء الآلة قوة لكن بصيرة الإنسان هي التي تضمن أن تسير هذه القوة في الاتجاه الصحيح.
أعجبنى
(7)لم يعجبنى
(1)