بواسطة : .
7:29 م - 2025/11/29 - 72 views
الدكتورة ـ جواهر الروقي
«إنَّ نَفْسًا لنْ تَمُوتَ حتّى تَسْتَكْمِلَ أجَلَها وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَها»… آية المعنى، وراحة القلب، وسكينة الحائرين ، نعيش في زمن تتسارع فيه المقارنات، ويعلو فيه صوت النتائج أكثر من صوت الجهد، حتى باتت النفوس تلهث وراء ما تأخّر، وتُنهكها الأيام حين لا ترى ثمار السعي سريعًا.
أحدهم اجتهد، اجتهد كثيرًا… سهَر ليله، وبذل جهده، وظنّ أن الطريق ممهدٌ للمكانة التي حلم بها، فإذا بالباب يتأخر في الفتح، أو يُغلَق في وجهه بلا سبب ، وآخر ظلّ يحلم بقبولٍ مهني يغيّر حياته، ينتظر وظيفة تُشعره بأنه على الطريق الصحيح، لكن الأيام مرّت وهو في نفس النقطة، يتألم لغياب الاستقرار المادي الذي بحث عنه طويلًا ، وثالث… أنهى تعليمه وهو يظنّ أن الحلم بدأ ، خطّط لسيارته، وبيته، ومستقبله، وزواجه… لكنه خرج من أبواب الجامعة ليجد الحياة تختلف عمّا رسمه تمامًا.
فتتراكم الخيبات، وتثقل النفس، ويظنّ المرء أن الرزق بعيد، وأنه ربما فاته ، لكن الحقيقة التي تتكرر في كل قصة، وفي كل قلب مرهق:
الرزق لا يضيع ، الرزق لا يسبقك ولا تتجاوزه ، الرزقُ يُدرك المرءَ مهما طال الطريق، إن كان له.
تأخُّره لا يعني غيابه، وتعطّله لا يعني أنه لغيرك، وعدم وصوله الآن لا يعني أنه لن يصل أبدًا ، إننا لا نتألم لأن الأرزاق بعيدة… بل لأن توقّعاتنا مُستعجلة ، نقيس الزمن بالعجلة، بينما يقيسه الله بالحكمة.
في كل تأخرٍ رسالة، وفي كل منعٍ لطف، وفي كل قصة تتعثر فيها الخطوات بابٌ يُفتح في وقتٍ يصعب تخيله ، والأجمل أن الله يكتب الرزق بطريقة تحفظ الكرامة، وتُرضي القلب، وتأتي في اللحظة التي نحتاجها أكثر مما نطلبها ، فلتهدأ النفوس التي أرهقها الانتظار ، وليتذكر كل قلب أن الرزق ليس سباقًا، وليس حظًا، وليس صدفة ، الرزق مسارٌ كُتِب لك، يسير إليك في اللحظة التي قُدّر أن يصل فيها، لا لحظة قبلها ولا بعدها.
وما بين الطلب والوصول…
يبقى الدعاء، واليقين، والسعي الهادئ الذي لا يعلّق روحه على النتائج، بل على الله.
أعجبنى
(0)لم يعجبنى
(0)