فمنذ طفولة سعيد سالم، الذي لم يتجاوز خمس سنوات عندما اجتاحته دموع الوداع في عام 1948، صارت ذكريات النكبة نبراساً يُضيء عتمة الحاضر. فقد كانت رحلة الفِرار من الوطن، حينما قُفل المنزل والمؤخر يحمل مفتاحه، رمزاً للألم الذي طالما ألمّ بالأجيال. تلك التجربة القاسية، التي حملت بين طياتها الخوف والمرارة، جعلت من قرار العودة رمزاً لتأكيد الهوية والمطالبة بحقوق تاريخية لا يمكن نسيانها. ولم يكن هذا الصبر مجرد تقاعس عن الرحيل، بل تحدٍ صريحٍ لواقع الألم والاغتراب، مؤكدين أن الوطن لا يُباع ولا يُستبدل.