بواسطة : .
11:58 م - 2025/11/26 - 91 views
الركن الثالث من أركان القيادة التربوية:
.القوة:
قال تعالى: ( قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ). والمراد بالقوة هنا ، القوة الشاملة لقوة العقل ، والجسم، والإرادة ، والحواس ، وانتفاء ضدها ، من الضعف ، والتردد، والخوف، وضعف البصر والبصيرة.،وجوهرها، وخلاصتها ،( ألّا تؤخر عمل اليوم إلى غدٍ).
• فالقوي يستطيع إبداء الرأي بوضوح، واتخاذ القرار بعدالة، وإصدار الأحكام باتزان ، وروية، ويجتاز العقبات والصعوبات، ويحطم المعوقات، ويجتهد في بلوغ الغاية ما دامت تحقق المصلحة ، ويتخذ قراره وفق ما يتطلبه الموقف، وصالح العمل، وينظر للأمر نظرة شمولية ، فلا يمنعه ضعف، و ولا تطغيه قوة.
• كما أنه ينظر لزملائه نظرة عادلة، ويجعل ميزان التفاضل بينهم إنجاز العمل بإتقان، وإحسانٍ ، في وقته المحدد، وبهذا يحارب الشللية، ويشجع على المنافسة الشريفة .
• أما الضعيف فيتردد خوفا ، وقلقا ، فيقدم رجلا، ويؤخر أخرى حتى تفوت المصلحة، ويقع المحذور، أو يعطي رأيه وفق رأي رئيسه ، أو بعض مرؤوسيه ، أو يتجنب المواقف الحادة ، كل هذا خشية الوقوع في مواقف صعبة مع رؤسائه، أو مرؤوسيه،.
• وقد بين صلى الله عليه وسلم، أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير، وقد نصح أمته من أن يتولى شئونها من هو ضعيف، لا يقدر على القيام بأعبائها، في شخص أبي ذرٍّ رضي الله عنه لما روي عنه، ( قال: قلت يا رسول الله ألَا تستعملني، فضرب بيده على منكبي ثم قال: يا أباذرٍّ إنك ضعيف، وإنها أمانة ، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلّا من أخذها بحقها وأدّى الذي عليه فيها).
• فيجب على من كلف بشيئ من ذلك ، أن يفكر مليا، ويستخير الله سبحانه وتعالى، ويميِّز قدرته على تحمل أعباء ما كلف به، وهل يستطيع أداء الذي عليه ؟،. كما يجب أن يحرص على ألّا تُؤتى مصالح المستفيدين من قبله، وإلّا وجب عليه أن يعتذر لكي لا يقع في المسآلة في الدنيا والآخرة، وإن سلم منها في الدنيا، فلن يسلم منها في الآخرة، لأنها خزي وندامة، إلّا من أخذها بحقها، وأدّى الذي عليه فيها.
• الركن الرابع هو : الحكمة: وهي وضع الشيئ الصحيح في مكانه الصحيح بطريقة صحيحة، بل هي العلم النافع، والعمل الصالح ، والفهم الصحيح ، وامتلاك المعرفة، والفقه العميق للواقع ، و الإصابة في القول والفعل،أي يكون القائد التربوي مصيبا في أقواله ، وأفعاله، وقادرا على وضع الأمور في نصابها الصحيح .
• فالقائد التربوي الحكيم يتوخى الحكمة في لحظه ولفظه، وقراراته، وأحكامه، واختياراته وتكليفاته، وتوصيف المهام، وإعداد الخطط، و تبني المبادرات ، والمشاريع ، وتوقيتها، وترتيب الأولويات، وإصدار الأوامر، وكذلك في تقديره للأمر ، ونظرته الشاملة، وفي شأنه كله، فلا خلل، ولا زلل، ولاريث ولاعجلة، بل عدل، وإنجاز ، وضبط للأمور ، ووضعها في نصابها الصحيح، ومسارها السليم، لتَتَحَقَّقَ الطمأنينة في المؤسسة، ويتعمق الانتماء ،. ويسكن الأمن و الإبداع في جسد إدارته، وتنمو في روحها المنافسة الشريفة ،والأخوة الصادقة. (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) (269) البقرة
• وخلاصة القول : إن الأمانة تمنع من الظلم، والضياع ، والغش،والخيانة، وتحقق التقوى والخوف من الله،وهي دلالة على قوة الإيمان بالله تعالى، فالإيمان يعصم صاحبه من الهوى، والعلم يعصمه من الخطأ ،لأنه كالبصر الذي لا تُرى الأشياء بدونه، والقوة تمكِّن صاحبها من تأدية ما كلف به على الوجه الأكمل، والحكمة تجعل صاحبها يقدر الأمور تقديرا سليما، ويضعها في نصابها الصحيح ، وفي مسارها السليم. فإذا اجتمعت هذه الأركان الأربعة في القيادة تحقق لها النجاح ،وأصبحت قيادة متعلمة آمنة ملهمة منجزة ، و محققة لأهدافها، ومؤدية لما وجب عليها فيها.
• وبهذا القدر نكون قد أتممنا توضيح أركان القيادة الأربعة، و أوضحنا الإجابة على السؤال : ولماذا هذه الأربعة؟.
• و سنكون معكم في الأسبوع القادم بإذن الله في موضوع آخر ذي صلة بالقيادة التربوية ،وإلى هناك نستودعكم الله.
بقلم/ حامد بن جابر السلمي
مدير عام التعليم بمنطقة مكة
سابقا
جدة في ٤ جمادى الآخرة ١٤٤٧هـ
أعجبنى
(0)لم يعجبنى
(0)